أقامت جمعية جامع البحر الخيرية في صيدا- أسرة النارنج لقاءً تكريمياً للمرحوم المربي الشاعر فايز الزين في مطعم واحة السلام جمع الأهل والأصدقاء والأحبة. افتتح اللقاء بقراءة الفاتحة عن روحه والنشيد الوطني. بداية كانت كلمة الجمعية ألقاها الرئيس الأستاذ محمد طه القطب ومما جاء فيها: “… لقد ودعنا بالزمن القريب أخاً عزيزاً من أخواننا وحبيباً من أحبائنا الذين كنا نتمنى أن يكون لقاؤنا اليوم معه لتكريمه وسماع بعض من ذكرياته وكتاباته التصويرية الشعرية الجميلة. ولكن شاء القدر أن يأخذه منا وهو لا يزال في عزّ عطائه وطموحه الذي لا حدود له… إن لمن المستحيل أن أحصر الأستاذ فايز بعدة كلمات نتذكره بها، ولكن الكلام يجب أن يكتب والكلمة يجب أن تقال.ولكن لا نستطيع بهذه الكلمات القليلة أن نفي راحلنا حقه، ولكن يبقى الحد الأدنى من واجب الوفاء له، وهو الذي ما بخل يوماً في المشاركة والمساعدة في مشروع النارنج الذي يؤمن لجميع المتقاعدين وكبار السن فرصةً ومجالاً للعطاء والتوجيه والإرشاد ومساعدة الشباب المعرّض للإنحراف أو التسرّب أو الضياع…”

كلمة النارنج ألقاها الأستاذ محمود السروجي الذي رثى الفقيد بكلمات مؤثرة مستعيداً دوره في انطلاقة مشروع النارنج وقال: “… التقينا ذات يوم ونحن في الهزيع الأخير من أعمارنا وقد جمعنا آنذاك مركب عظيم اسمه “مشروع النارنج” حينها قلت في نفسي أترانا ونحن في هذه الفترة من أعمارنا ننتظر بزوغ فجر جديد علينا.. أو يمكن أن نطأ أرضاً لم نعرفها من قبل؟ وكان الجواب ولما لا، فلا راحة لمؤمن إلا بلقاء ربه. وهكذا أقلع مركب النارنج وكل بحار فيه برتبة وخبرة ربان وأكثر. وما ان بدأت الرياح تطيب للبحارة وللربابنة حتى هدأت أنفاس المجذاف الأول في هذا المركب فاستراح واستكان وقد اتسم بالرقة والطرافة والشفافية وحياكة الأدب الفريد، فكان

رحيل الحبيب رشيد وهبي رحمه الله. وتابعنا الرحلة لنرقب بعد ذلك شراعاً عالياً ما تعوّد إلا على القمم يهتز ويهوي من عل وقد نقشت على ساريته الكثير من القصص والحكم فرحل العزيز خضر صالح رحمه الله بقامته السمراء الشامخة… وبعدها شددنا العزم والعزيمة لعبور أبعد وإنجاز أرقى ليعود الوجع ثانية فتصدمنا القوافي بالتوقف عن النبض والحروف عن الخفقان فتستريح في خوابيها لأنها لا تطيق فراق من أحبها وأنشد لها أجمل خفقات قلبه قلبه شعراً ونثراً في تجليات وطنية اجتماعية أو غزلية… له أشرعت الكتب أبوابها فدخلها كما الغمام ثم هطلت حبراً فوق الدفاتر.. ما أروع وما أرقى نشيد الصمت أبا شوقي.. كنت دفتراً وقلماً يستيقظان عند الفجر ويصليان ثم يأخذان بأيدي الكلمات إلى أعالي القصيدة ويصدحان.. منها أنت الآن أبا شوقي على مسافة ابتسامة من الدمع تراقبنا من عل وفي حقيبة عمرك كتب وأقلام وحكايات وسجادة صلاة. في هذا اللقاء الجامع بعضا من سيرة رجل وبعضاً من نبض أيامه، رجل طيب، دمث الأخلاق، نزيه النفس، واضح وضوح الضوء الشفاف، أو ليس هذا هو أجمل وأطهر ما يتركه المرء من أثر لينقش على شواهد حياته”.

وألقى رئيس اللقاء الأدبي في إقليم الخروب ناظم الحاج شحادة كلمة رثى فيها الفقيد الزين فقال: “إنه ليحزننا أن نودعه هذا العام بعد أن ودعنا في العام الفائت مؤسس اللقاء ورئيسه الشاعر المرحوم الأستاذ يوسف شمس الدين ولعل في غياب ركنين من أركان اللقاء خسارة لا تعوّض ليس للقاء الأدبي فحسب بل للشعر الأصيل وللحركة الأدبية في لبنان والوطن العربي…”.

ثم ألقت الشاعرة رقية بركات قصيدة رثاء للراحل قالت فيها: “إن جئت أرثيك حن النثر والشعر/ والحبر في قلمي دمعاً غدا الحبر/ عايشتنا زمناً نعم المضى زمن/ في وجهه الطيب نعمى طيبه العطر…”.

وألقى صديق الراحل غسان كساب قصيدة رثاء بالعامية قال فيها: “… أنت المربي كنت الشاعر والأديب/ وبصمات فكرك ظاهرة بمية مجال/ كنت الصديق الصادق وكنت القريب/ وكنت الحنون التربية كانت مثال /” نهلة ” الحنونة مع “ندى” و”شوقي” الطبيب …”.

وكان للشاعر والأديب الدكتور سلطان ناصر الدين أيضاَ قصيدة نثرية رثى فيها الراحل فقال: “… لا يرقص حب بغير سنبلة… ولا تعزف حرية بغير عصفور… جسد السنبلة يقطر قمحاً… فايز الزين طوبى لك تغار من شعرك العصافير…”.

كلمة عائلة الراحل ألقتها كريمته ندى فايز الزين التي استعادت بعضاً من ذكرياتها مع الوالد والملهم وفترة معاناته مع المرض فقالت: “تسعة أشهر من الألم ومن صور عذاب لا تنسى أرادها الله فترة عناق بيننا وبين من لم يفارقنا قط، فما أحكمك ربي، كنت تعلم صعوبة الفراق بيننا وبين من اعطانا كل نفسه ومن أطعمنا لقمته وألبسنا رداءه ومن علمنا الخلق وحب الخلق ومن ابكاه حبنا وخوف أن تغيب عيناه عنا ذات صباح فجعلت التسعة أشهر عمراً من الحب والعطاء فيها كل الكرامة والتكريم وفيها شتاء من الدمع والحنين لتسهل وزر الرحيل وتلثم نزيف الجراح .. اشتاق اليك أبي ، اشتاق كثيرا ، الحياة من دونك حلم ودرب العمر في غيابك وجع ترويه دموع حارقة . لا فراق بيننا أبي ولا وداع، فروحك تملأ نفسي وشراييني وحبك وشعرك يدميان حبر قلمي .لا وداع بيننا بل وعد انتظار وأمل لقاء وحتى ذلك الحين لأملأ جدراني بأحلامك وارش وردك على كل اوراقي وانشر عطرك على صفحات ما تبقى من ايامي . انت لا ترحل ابي بل تولد من جديد.. تولد فينا شاباً عربياً ثائراً حرا وعاشقاً”. وختمت بتوجيه الشكر الى جمعية جامع البحر و” النارنج” وكل من شارك في هذا تكريماً لذكرى والدها الراحل.

وتخلل اللقاء إلقاء نشيد النارنج الذي كان ألفه الراحل الزين في 24 آذار 2013 ويقول مطلعه

” زهرة النارنج من دار السلام طيبها يطفو على كل الأنام / عمل الخير سبيل المحسنين /عهدهم لله رب العالمين / خيرهم للناس بالحق المبين / دأبهم سعيهم للخير عام ..”. كما جرى توزيع ديوان ” جراح” للراحل وكتيب ” دموع الفراق” الذين اصدره اللقاء الأدبي في اقليم الخروب تكريما للراحل في ذكرى الأربعين.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *